الاحتساب في رمضان
الحمد لله الذي فتح لعباده أبواب الخير، وسهل لهم طريق الوصول إليه، والصلاة والسلام على محمد عبد الله ورسوله، دعا إلى ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين من ربه، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أيها المسلم الحبيب حياك الله وبياك في هذا اللقاء الطيب المبارك.
أخي الفاضل: هذا الشهر العظيم هو شهر الفرص والبركات، شهر النفحات الإلهية المباركة، فيه يتسابق المتسابقون إلى كل قربة، ويسارعون إلى كل طاعة، وإن من أعظم الطاعات والقرب في هذا الشهر الكريم قربة: الاحتساب بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كيف لا وقد قال الحق - سبحانه - عنها: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّـهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [سورة فصلت: 33]، فمن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر فقد دعا إلى الله - تعالى -، بل قد أناط الله - تعالى - خيرية هذه الأمة بهذا العمل المبارك فقال: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ...} [سورة آل عمران: 110].
فبادر أخي المسلم في هذا الشهر المبارك إلى هذا العمل الجليل، وليكن ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة.
كيف تحتسب في رمضان؟
يتسائل البعض هذا السؤال، فنقول لك:
بإمكانك أيها الأخ المبارك أن تحتسب في شهر رمضان بما يلي - على سبيل المثال لا الحصر -:
1- تجعل في جيبك أو سيارتك مجموعة من الأشرطة لبعض المشايخ المؤثرين سواء كان شريطاً يتكلم عن شهر رمضان، أو عن بعض المواضيع المهمة.
2- إن رأيت مسلماً يسب أو يشتم بَلّغتَه بحكمة ولطف، ودون أن تفارق وجهك البسمة؛ حديثَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان، ولا الفاحش ولا البذيء» [صححه الألباني]، وحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الصيام جنة، وإذا كان أحدكم يوماً صائماً فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم، إني صائم» [رواه البخاري ومسلم واللفظ لأحمد].
3- حاول أن تحضِّر وتجهز بعض الكلمات والخواطر المؤثرة، ثم قم بزيارة بعض المساجد لإلقائها عليهم، أو في أي مكان مناسب.
4- اكتب بعض الكلمات والعبارات المؤثرة في قصاصات صغيرة بدون تطويل، فيكون بعضها مثلاً بعنوان: (إلى أخي بائع الغناء)، وأخرى بعنوان: (إلى جاري العزيز)، ثم تكتب تحت هذا العنوان نصيحة طيبة مختصرة لبعض المقصرين في طاعة الله - تعالى -.
5- اصحب بعض زملائك - ممن تراه مقصراً في أمور دينه - إلى محاضرة مؤثرة.
6- وأخيراً: ادع الله - تعالى - بخشوع وصدق لمن هو مقصر في دينه من أقربائك أو زملائك أو غيرهم؛ فإن للدعاء أثر كبير في هداية كثير من الناس، وفيه من إعلان الولاء للمؤمنين، وحب الخير لهم ما الله به عليم، مع رجوع ذلك الدعاء لك؛ حيث يقول المَلَكُ: ولك مثله.
ملاحظة: لا بد من أن يلاحظ المحتسب أن شهر رمضان فرصة كبيرة للدعوة إلى الله؛ وذلك لأن قلوب المسلمين - حتى العصاة منهم - تكون لينة قابلة للموعظة الحسنة؛ فعسى أن توافق الموعظة قلب المدعو وهو مطمئن لين هادئ فيكتب له بتلك النصيحة سعادة الأبد؛ «...فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا، خير لك من أن يكون لك حمر النعم» [رواه البخاري]، وأبواب الاحتساب كثيرة، ومن يصدق الله يصدقه.
والله ولي التوفيق.