كان صلى الله عليه وسلم شديد السواد رجلا ، أي ليس مسترسلا كشعر الروم ولا جعدا كشعر السودان واٍنما هو على هيئة المتمشط ، يصل الى أنصاف أذنيه حينا ويرسله أحيانا فيصل الى شحمة أذنيه وعاتقه ، وغاية طوله ان يضرب منكبيه اذا طال زمان اٍرساله بعد الحلق .
وبهذا يجمع بين الروايات الواردة في هذا الشأن ، حيث أخبر كل واحد من الرواة عمل رآه في حين من الأحيان .
قال الاٍمام النووي : ( هذا ، ولم يحلق النبي صلى الله عليه وسلم رأسه ( أي بالكلية ) في سني الهجرة اٍلا عام الحديبية ثم عام عمرة القضاء ثم عام حجة الوداع ) .
و قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير شعر الرأس راجله ) ، أخرجه أحمد والترمزي وقال حسن صحيح .
ولم يكن في رأس النبي صلى الله عليه وسلم شيب اٍلا شعيرات في مفرق رأسه ، فقد أخبر اٍبن سعيد أنه ما كان في لحية النبي صلى الله عليه وسلم ورأسه اٍلا سبع عشرة شعرة بيضاء وفي بعض الأحاديث ما يفيد بأن شيبه لا يزيد على عشرة شعرات ، وكان صلى الله عليه وسلم اٍذا أدهن واراهن الدهن ، أي أخفاهن . وكان يدهن بالطيب والحناء .
و عن أبي عباس رضي الله عنهما قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب موافقة اهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه ، وكان اهل الكتاب يسدلون أشعارهم وكان المشركون يفرقون رؤوسهم ، فسدل النبي صلى الله عليه وسلم ناصيته ثم فرق بعد ) ، أخرجه البخاري ومسلم .
و كان رجل الشعر حسنا ليس بالسبط ولا جعد القطط ، كما اٍذا مشطه بالمشط كأنه حبك الرمل ، أو كأنه المتون التي تكون في الغدر اٍذا سفتها الرياح ، فاٍذا مكث لم يرجل أخذ بعضه بعضا ، وتحلق حتى يكون متحلقا كالخواتم ، لما كان أول مرة سدل ناصيته بين عينيه كما تسدل نواصي الخيل ، جاءه جبريل عليه السلام بالفرق ففرق .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كنت اٍذا أردت أت أفرق رأس الرسول صلى الله عليه وسلم صدعت الفرق من نافوخه وأرسل ناصيته بين عينيه ) ، أخرجه أبو داوود وابن ماجه .
وكان صلى الله عليه وسلم يسدل شعره أي يرسله ثم ترك ذلك وصار يفرقه ، فكان الفرق مستحبا ، وهو آخر ألأمرين منه صلى الله عليه وسلم .
وفرق شعر الرأس هو قسمته في المفرق وهو وسط الرأس ، وكان يبدأ في ترجيل شعره من الجهة اليمنى ، فكان يفرق رأسه ثم يمشط الشق الأيمن ثم الشق الأيسر .
و كان صلى الله عليه وسلم يترجل غبا ، أي يمشط شعره ويتعهده من وقت لآخر .
و عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب التيمن في طهوره ، أي الاٍبتداء باليمين ، اٍذا تطهر وفي ترجله وفي اٍنتعاله اٍذا أنتعل ) . أخرجه البخاري .